كف النفس عن الانتقام وزجرها عن شفاء داء الغيظ وتبريد غلة الاحن في غاية العسر، ختم الآية بقوله: ﴿إن الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿شديد العقاب﴾.
ولما أتم الكلام على احترام أعظم المكان وأكرم الزمان وما لابسهما، فهذب النفوس بالنهي عن حظوظها، وأمر بعد تخليتها عن كل شر بتحليتها بكل خير عدّد على سبيل الاستئناف ما وعد بتلاوته عليهم مما حرم مطلقاً إلا في حال الضرورة فقا: ﴿حرمت﴾ بانياً الفعل للمفعول لأن الخطاب لمن يعلم أنه لا محرم إلا الله، وإشعاراًَ بأن هذه الأشياء لشدة قذارتها كأنها محرمة بنفسها ﴿عليكم الميتة﴾ وهي ما فقد الروح بغير ذكاة شرعية، فإن دم كل ما مات حتف أنفه يحبس في عروقه ويتعفن ويفسد، فيضر أكله البدن بهذا الضرر الظاهر، والدين بما يعلمه أهل البصائر ﴿والدم﴾ أي المسفوح، وهو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق ﴿ولحم الخنزير﴾ خصة بعد دخوله في الميتة لاتخاذ النصارة أكله كالدين ﴿وما أهل﴾ ولما كان القصد في هذه السورة إلى حفظ محكم العهود المذكر بجلاله الباهر، قدم المفعول له فقال: ﴿لغير الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿به﴾ أي ذبح على اسم غيره من صنم أو غيره على وجه التقرب عبادة لذلك الشيء، والإهلاك: رفع الصوت.
ولما كان من الميتات ما لا تعافه النفوس عيافتها لغيره، نص عليه