من كل ما يسمى ظلماً ﴿وأصلح﴾ أي أوجد الإصلاح وأوقعه بردّ الظلامة والثبات على الإقلاع ﴿فإن الله﴾ أي بما له من كمال العظمة ﴿يتوب عليه﴾ أي يقبل توبته ويرجع به إلى أتم ما كان عليه قبل الظلم من سقوط عذاب الآخرة دون عقاب الدنيا، رحمة من الله له ورفقاً به وبمن ظلمه وعدلاً بينهما، لا يقدر أحد أن يمنعه من ذلك ولا يحول بينه وبينه لحظة ما؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله أزلاً وأبداً ﴿غفور رحيم *﴾ أي بالغ المغفرة والرحمة، لا مانع له من ذلك ولا من شيء منه ولا من شيء يريد فعله، بل هو فعال لما يريد، والآية معطوفة على آية المحاربين وإنما فصل بينهما بما تقدم لما ذكر من العلة الطالبة لمزيد العناية به.
ولما كان معنى ذلك أنه لا اعتراض عليه سبحانه في شيء من ذلك ولا مانع، لأن قدرته تامة، ليس هو كمن يشاهد من الملوك الذين ربما يعجزون من اعتراض أتباعهم ورعاياهم عن تقريب بعض ما لم يباشر إساءة، وإبعاد بعض من لم يباشر إحساناً، فكيف بغير ذلك! قال تعالى مقرراً لذلك بتفرده في الملك: ﴿ألم تعلم أن الله﴾ أي الذي له جميع العز ﴿له ملك السماوات﴾ أي على علوها وارتفاع سمكها وانقطاع أسباب ما دونها منها ﴿والأرض﴾ أي أن الملك خالص له عن جميع الشوائب.


الصفحة التالية
Icon