أن قلوبهم نجسة، أنتج ذلك قوله: ﴿لهم في الدنيا خزي﴾ أي بالذل والهوان، أما المنافقون فبإظهار الأسرار والفضائح الكبار وخوفهم من الدمار، وأما اليهود فببيان أنهم حرفوا وبدلوا وضرب الجزية عليهم وغير ذلك من الصغار ﴿ولهم في الآخرة﴾ التي من خسرها فلا ربح له بوجه ما ﴿عذاب عظيم *﴾ أي لعظيم ما ارتكبوه من هذه المعاصي المتضاعفة.
ولما ذكر التحريف، ذكر أثره وهو الحكم به فقال مكرراً لوصفهم زيادة في توبيخهم وتقبيح شأنهم: ﴿سمّاعون﴾ أي هم في غاية الشهوة والانهماك في سماعهم ذلك ﴿للكذب أكّالون﴾ أي على وجه المبالغة ﴿للسحت﴾ أي الحرام الذي يسحت البركة أي يستأصلها، وهو كل ما لا يحل كسبه، وذلك أخذهم الرشى ليحكموا بالباطل على نحو ما حرفوه وغيره من كلام الله، قال الشيخ أبو العباس المرسي: ومن آثر من الفقراء السماع لهواه، وأكل ما حرمه مولاه، فقد استهوته نزعة يهودية، فإن القوال يذكر العشق والمحبة والوجد وما عنده منها شيء.
ولما كانوا قد يأخذون الرشوة ولا يقدرون على إبرام الحكم بما أرادوه، فيطمعون في أن يفعلوا ذلك بواسطة ترافعهم إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيترافعون إليه، فإن حكم بينهم بما أرادوا قبلوه واحتجوا به على