من الله ﴿مثوبة﴾ أي جزاء صالحاً ويرجع إليه، فإن المثوبة للخير كما أن العقوبة للشر، وهي مصدر ميمي كالميسور والمعقول، ثم نوه بشرفه بقوله: ﴿عند الله﴾ أي المحيط بصفات الجلال والإكرام، ثم رده أسفل سافلين بياناً لأنه استعارة تهكمية على طريق: تحية بينهم ضرب وجيع.
بقوله - جواباً لمن كأنه قال: نعم: ﴿من﴾ أي مثوبة من ﴿لعنة الله﴾ أي أبعده الملك الأعظم وطرده ﴿وغضب عليه﴾ أي أهلكه، ودل على اللعن والغضب بأمر محسوس فقال: ﴿وجعل﴾ ودل على كثرة الملعونين بجمع الضمير فقال: ﴿منهم﴾ أي بالمسخ على معاصيهم ﴿القردة﴾ تارة ﴿والخنازير﴾ أخرى، والتعريف للجنس، وقال ابن قتيبة: إن التعريف يفيد ظن أنهم لم ينقرضوا بل توالدوا حتى كان منهم أعيان ما تعرفه من النوعين، فما أبعد من كان منهم هذا من أن يكونوا أبناء الله وأحباءه! ثم عطف - على قراءة الجماعة - على قوله ﴿لعنه الله﴾ سبب ذلك بعد أن قدم المسبب اهتماماً به لصراحته في المقصود، مع أن اللعن والغضب سبب حقيقي، والعبادة سبب ظاهري، فقال: ﴿وعبد الطاغوت﴾ وقرأه حمزة بضم الباء على أنه جمع والإضافة عطف على القردة، فهو - كما قال في القاموس - اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ومردة أهل الكتاب، للواحد والجمع، فلعوت من


الصفحة التالية
Icon