به بوجه، ولا ظهور أتم منه ﴿لكفّرنا﴾ وأشار إلى عظيم جرأتهم بمظهر العظمة ﴿عنهم سيئاتهم﴾ أي التي ارتكبوها قبل مجيئه وهي مما يسوء، أي يشتد تنكر النفس له أو تكرّهها، وأشار إلى سعة رحمته وأنها لا تضيق عن شيء أراده بمظهر العظمة فقال: ﴿ولأدخلناهم﴾ أي بعد الموت ﴿جنات النعيم *﴾ أي بدل ما هم فيه من هذا الشقاء الذي لا يدانيه شقاء.
ولما كان المعنى: ما فعلوا ذلك، فألزمناهم الخزي في الدنيا والعذاب الدائم في الآخرة، وكان هذا إجمالاً لحالتهم الدنيوية والأخروية، وكان محط نظرهم الأمر الدنيوي، رجع - بعد إرشادهم إلى إصلاح الحالة الأخروية لأنها أهم في نفسها - إلى سبب قولهم تلك الكلمة الشنعاء والداهية القبيحة الصلعاء، وهو تقتير الرزق عليهم، وبين أن السبب إنما هو من أنفسهم فقال: ﴿ولو أنهم أقاموا التوراة﴾ أي قبل إنزال الإنجيل بالعمل بجميع ما دعت إليه من أصل وفرع وثبات عليها وانتقال عنها ﴿والإنجيل﴾ أي بعد إنزاله كذلك، وفي إقامته إقامة التوراة الداعية إليه ﴿وما أنزل إليهم من ربهم﴾ أي المحسن إليهم من أسفار الأنبياء المبشرة بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ومن القرآن بعد إنزاله، وفي إقامته إقامة جميع ذلك، لأنه مبشر به وداع إليه ﴿لأكلوا﴾ أي لتيسر لهم الرزق، وعبّر ب «من» لأن المراد بيان جهة المأكول