﴿وإذا سمعوا﴾ أي أتباع النصرانية ﴿ما أنزل إلى الرسول﴾ أي الذي ثبتت رسالته بالمعجز، فكان من شأنه أن يبلغ ما أنزل إليه للناس ﴿ترى أعينهم﴾ ولما كان البكاء سبباً لامتلاء العين بالدمع وكان الامتلاء سبباً للفيض الذي حقيقته السيلان بعد الامتلاء، عبر بالمسبب عن السبب فقال: ﴿تفيض من الدمع﴾ أصله: يفيض دمعها ثم تفيض هي دمعاً، فهو من أنواع التمييز، ثم علل الفيض بقوله: ﴿مما عرفوا من الحق﴾ أي وليس لهم غرض دنيوي يمنعهم عن قبوله، ثم بين حالهم في مقالهم بقوله: ﴿يقولون ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا ﴿آمنا﴾ أي بما سمعنا ﴿فاكتبنا﴾.
ولما كان من شأن الشاهد إحضار القلب وإلقاء السمع والقيام التام بما يتلى عليه ويندب إليه قال: ﴿مع الشاهدين *﴾ أي أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين يشهدون على الأمم يوم القيامة، فإن تقويتنا على ذلك ليست إلا إليك ﴿وما﴾ أي ويقولون: ما، أي أيّ شيء حصل أو يحصل ﴿لنا﴾ حال كوننا ﴿لا نؤمن بالله﴾ أي الذي لا كفوء له ولا خير إلا منه ﴿وما﴾ أي وبما ﴿جاءنا من الحق﴾ أي الأمر الثابت الذي مهما عرض على الواقع طابقه الواقع سواء كان حالاً أو ماضياً أو آتياً.
ولما كانوا يهضمون أنفسهم، عبروا بالطمع الذي لا نظر معه لعمل