وكذا إيصال الماء إلى البشرة إذا كثفت اللحية خفف للحرج واكتفى عنه بظاهر اللحية، وأما العنفقة ونحوها من الشعر الخفيف فيجب ﴿وأيديكم﴾.
ولما كانت اليد تطلق على ما بين المنكب ورؤوس الأصابع، قال مبيناً إن ابتداء الغسل يكون من الكفين، لأنهما لعظم النفع أولى بالاسم: ﴿إلى المرافق﴾ أي آخرها، أخذاً من بيان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفعله، فإنه كان يدير الماء على مرفقيه، وإنما كان الاعتماد على البيان لأن الغاية تارة تدل كقوله تعالى ﴿من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ [الإسراء: ١] وتارة لا تدخل كقوله تعالى ﴿ثم أتموا الصيام إلى اللّيل﴾
[البقرة: ١٨٧] والمرفق ملتقى العظمين، وعفي عما فوق ذلك تخفيفاً ﴿وامسحوا﴾ ولما عدل عن تعدية الفعل إلى الرأس، فلم يفعل كما فعل في الغسل مع الوجه، بل أتى بالباء فقال: ﴿برءوسكم﴾ علم أن المراد إيجاد ما يسمى مسحاً في أي موضع كان من الرأس، دون خصوص التعميم وهو معنى قول الكشاف: المراد إلصاق المسح بالرأس، وماسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح.
ولما كان غسل الرجل مظنة الإسراف فكان مأموراً بالاقتصاد فيه، وكان المسح على الخف سائغاً كافياً، قرىء: ﴿وأرجلكم﴾ بالجر على المجاورة إشارة إلى ذلك أو لأن الغاسل يدلك في الأغلب،


الصفحة التالية
Icon