ولما كان الإيصاء إذ ذاك أمراً متعارفاً، عرف فقال معلقاً بشهادة كما علق به ﴿إذا﴾ أو مبدلاً من ﴿إذا﴾ لأن الزمنين واحد: ﴿حين الوصية﴾ أي إن أوصى، ثم أخبر عن المبتدأ فقال: ﴿اثنان﴾ أي شهادة بينكم في ذلك الحين شهادة اثنين ﴿ذوا عدل منكم﴾ أي من قبيلتكم العارفين بأحوالكم ﴿أو آخران﴾ أي ذوا عدل ﴿من غيركم﴾ أي إن لم تجدوا قريبين يضبطان أمر الوصية من كل ما للوصي وعليه، وقيل: بل هما الوصيان أنفسهما احتياطاً بجعل الوصي اثنين، وقيل: آخران من غير أهل دينكم، وهو خاص بهذا الأمر الواقع في السفر للضرورة لا في غيره ولا في غير السفر؛ ثم شرط هذه الشهادة بقوله: ﴿إن أنتم ضربتم﴾ أي بالأرجل ﴿في الأرض﴾ أي بالسفر، كأن الضرب بالأرجل لا يسمى ضرباً إلا فيه لأنه موضع الجد والاجتهاد ﴿فأصابتكم﴾ وأشار إلى أن الإنسان هدف لسهام الحدثان بتخصيصه بقوله: ﴿مصيبة الموت﴾ أي أصابت الموصي المصيبةُ التي لا مفر منها ولا مندوحة عنها.
ولما كان قد استشعر من التفصيل في أمر الشهود مخالفة لبقية الشهادات، فكان في معرض السؤال عن الشهود: ماذا يفعل بهم؟ قال مستأنفاً: ﴿تحبسونهما﴾ أي تدعونهما إليكم وتمنعونهما من التصرف لأنفسهما لإقامة ما تحملاه من هذه الواقعة وأدائه؛ ولما كان المراد إقامة اليمين