على أن ذلك ليس كغيره من الأيمان، فقال تذكيراً لهم وتحذيراً من التغيير: ﴿إنا إذاً﴾ أي إذا فعلنا شيئاً من التبديل أو الكتم ﴿لمن الآثمين * فإن﴾ ولما كان المراد مجرد الاطلاع بني للمفعول قوله: ﴿عثر﴾ أي اطلع مطلع بقصد أو بغير قصد؛ قال البغوي: وأصله الوقوع على الشيء أي من عثرة الرجل ﴿على أنهما﴾ أي الشاهدين إن أريد بهما الحقيقة أو الوصيين ﴿استحقا إثماً﴾ أي بسبب شيء خانا فيه من أمر الشهادة ﴿فآخران﴾ أي من الرجال الأقرباء للميت ﴿يقومان مقامهما﴾ أي ليفعلا حيث اشتدت الريبة من الإقسام عند مطلق الريبة ما فعلا ﴿من الذين استحق﴾ أي طلب وقوع الحق بشهادة من شهد ﴿عليهم﴾ هذا على قراءة الجماعة، وعلى قراءة حفص بالبناء للفاعل، المعنى: وجد وقوع الحق عليهم، وهم أهل الميت وعشيرته.
ولما كان كأنه قيل: ما منزلة هذين الآخرين من الميت؟ فقيل: ﴿الأوليان﴾ أي الأحقان بالشهادة الأقربان إليه العارفان بتواطن أمره، وعلى قراءة أبي بكر وحمزة بالجمع، كأنه قيل: هما من الأولين أي في الذكر وهم أهل الميت، فهو نعت للذين استحق ﴿فيقسمان﴾ أي هذان الآخران ﴿بالله﴾ أي الملك الذي لا يقسم إلا به لما له من كمال العلم وشمول القدرة ﴿لشهادتنا﴾ أي بما يخالف شهادة الحاضرين للواقعة ﴿أحق من شهادتهما﴾ أي أثبت، فإن تلك إنما ثباتها في الظاهر، وشهادتنا ثابتة في نفس الأمر وساعدها الظاهر بما عثر عليه من الريبة