لا يسأل عما يفعل، وسيأتي في قوله:
﴿لا تسئلوا عن أشياء﴾ [المائدة: ١٠١] ما يؤيد هذا.
ولما كانوا ربما فهموا من هذا الإحلال ما ألفوا من الميتات ونحوها قال مستثنياً من نفس البهيمة، وهي في الأصل كل حي لا يميز، مخبراً أن من أعظم العقود ما قدم تحريمه من ذلك في البقرة: ﴿إلا ما يتلى عليكم﴾ أي في بهيمة الأنعام أنه محرم، فإنه لم يحل لكم، ونصب ﴿غير محلي الصيد﴾ على الحال أدل دليل على أن هذا السياق. وإن كان صريحه مذكراً بالنعمة لتشكر - فهو مشار به إلى التهديد إن كُفِرَت، أي أحل لكم ذلك في هذه الحال، فإن تركتموها انتفى الإحلال، وهذه مشيرة إلى تكذيب من حرم من ذلك ما أشير إليه بقوله تعالى في التي قبلها حكاية عن الشيطان ﴿ولآمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾ [النساء: ١١٩] من السائبة وما معها مما كانوا اتخذوه ديناً، وفصّلو فيه تفاصيل - كما سيأتي صريحاً في آخر هذه السورة بقوله تعالى: ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة﴾ [المائدة: ١٠٣] الآية، وكذا في آخر الأنعام، وفي الأمر بالوفاء بالعقود بعد الإخبار بأنه بكل شيء عليم غاية التحذير من تعمد الإخلال بشيء من ذلك وإن دق، وفي افتتاح هذه المسماة بالمائدة بذكر الأطعمة عقب سورة النساء - التي من أعظم مقاصدها النكاح والإرث،