فإنه آثم قلبه} [البقرة: ٢٨٣] وختام آية النساء التي في الشهادة بقوله: ﴿وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً﴾ [النساء: ١٣٥] كما ختمت هذه بمثل ذلك.
ولما أمر سبحانه ونهى، بشر وحذر فقال: ﴿وعد الله﴾ أي الملك الذي له الكمال المطلق فله كل شيء ﴿الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان بألسنتهم ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لهذا الإقرار ﴿الصالحات﴾ وترك المفعول الثاني أقعد في باب البشارة، فإنه يحتمل كل خير، وتذهب النفس في تحريزه كل مذهب.
ولما كان الموعود شيئين: فضلاً وإسقاط حق قدم الإسقاط تأميناً للخوف فقال واضعاً له موضع الموعود في صيغة دالة على الثبات والاختصاص: ﴿لهم مغفرة﴾ أي لما فرط منهم لما طبع الإنسان عليه من النقص نسياناً أو عمداً، بعمل الواجبات إن كان صغيرة، وبالتوبة إن كان كبيرة، وفيه إشارة إلى أنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره؛ ولما أمنهم بالتجاوز أتبعه الجود بالعطاء فقال ﴿وأجر﴾ أي على قدر درجاتهم من حسن العمل ﴿عظيم *﴾ أي لا يدخل تفاوت درجاته تحت الحصر.
ولما قدم الوعد لأنه في سورة الذين آمنوا أتبعه الوعيد لأضدادهم، وهو أعظم وعد لأحبابه المؤمنين أيضاً فقال: ﴿والذين كفروا﴾ أي غطوا ما اتضح لعقولهم من أدلة الوحدانية ﴿وكذبوا﴾ أي زيادة


الصفحة التالية
Icon