بنو إسرائيل - كما سيقص عليكم، وقوله هنا ﴿المؤمنون﴾ وفي قصة بني إسرائيل ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ شديد التآخي، معلم بمقامي الفريقين، وحينئذ حسن كل الحسن تعقيبها مع ما تقدم من أمر العقبة وأمر بني النضير في نقضهم عهدهم وغدرهم، بما هموا به من قتل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإلقاء الرحى عليه من سطح البيت الذي أجلسوه إلى جانبه، بقوله إشارة إلى أن اليهود ما زالوا على النقض قديماً، تحذيراً للمؤمنين من أن يكونوا مثلهم في النقض لئلا يحل بهم ما حل بهم من الصغار، وإعلاماً بأن عادته سبحانه في الإلزام بالتكاليف قديمة غير مخصوصة بهم، بل هي عامة لعباده وقد كلف أهل الكتاب، تشريفاً لهم بمثل ما كلفهم به، ورغبهم ورهبهم ليسابقوهم في الطاعة، فإن الأمر إذا عم هان، والإنسان إذا سابق اجتهد في أخذ الرهان، وأكد الخبر بذلك لئلا يظن لشدة انهماكهم في النفس أنه لم يسبق لهم عهد قبل ذلك فقال تعالى: ﴿ولقد أخذ الله﴾ أي بما له من جميع الجلال والعظمة والكمال ﴿ميثاق بني إسرائيل﴾ أي العهد الموثق بما أخذ عليكم من السمع والطاعة ﴿وبعثنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿منهم اثني عشر نقيباً﴾ أي شاهداً، على كل سبط نقيب يكفلهم بالوفاء بما عليهم من الوفاء به - كما بعثنا منكم ليلة العقبة اثني عشر نقيباً وأخذنا منكم الميثاق على


الصفحة التالية
Icon