افعلوا كذا لتكونوا بني أبيكم الذي في السماء - ونحو ذلك، وقد بينت معناه على تقدير صحته بما يوجب رده إلى المحكم بلا شبهة في أول سورة آل عمران؛ قال البيضاوي في أول سورة الكهف: إنهم كانوا يطلقون الأب والابن في تلك الأديان بمعنى المؤثر والأثر، وقال في البقرة في تفسير ﴿بديع السماوات﴾ [البقرة: ١١٧] : أنهم كانوا يطلقون الأب على الله باعتبار أنه السبب الأصلي، ثم ظنت الجهلة منهم أن المراد به معنى الولادة، فلذاك كفر قائله ومنع منه منعاً مطلقاً انتهى. فأول نقض نقض به سبحانه وتعالى هذه الدعوى بيان أنه يعذبهم فقال: ﴿قل فلم يعذبكم﴾ أي إن كنتم جامعين بين كونكم أبناء وأحباء بين عطف النبوة وحنو المحبة ﴿بذنوبكم﴾ وعذابهم مذكور في نص توراتهم في غير موطن ومشهور في تواريخهم بجعلهم قردة وخنازير وغير ذلك، أي فإن كان المراد بالبنوة الحقيقة فابن الإله لا يكون له ذنب فضلاً عن أن يعذب به، لأن الابن لا يكون إلا من جنس الأب - تعالى الله عن النوعية والجنسية والصاحبة والولد علواً كبيراً! وإن كان المراد المجاز، أي بكونه يكرمكم إكرام الولد والحبيب، كان ذلك مانعاً من التعذيب.
ولما كان معنى ذلك أن يعذذبكم لأنكم لستم أبناء ولا أحباء،


الصفحة التالية
Icon