عن الطاعة قولاً وفعلاً، ولا تجمعنا معهم في بين واحد، في فعل ولا جزاء ﴿قال فإنها﴾ أي الأرض المقدسة ﴿محرمة عليهم﴾ أي بسبب أقوالهم هذه وأفعالهم، لا يدخلها ممن قاله هذه المقالة أو رضهيا أحد، بل يمكثون ﴿أربعين سنة﴾ ثم استأنف جواباً لمن تشعب فكره في تعرف حالهم في هذه الأربعين ومحلهم من الأرض قوله: ﴿يتيهون﴾ أي يسيرون متحيرين ﴿في الأرض﴾ حتى يهلكوا كلهم، والتيه: المفازة التي يحير سالكها فيضل عن وجه مقصده، روي أنهم أقاموا هذه المدة في ستة فراسخ يسيرون كل يوم جادين، ثم يمشون في الموضع الذي ساروا منه، ثم سبب عن إخباره بعقوبتهم قوله: ﴿فلا تأس﴾ أي تحزن حزناً مؤيساً ﴿على القوم﴾ أي الأقوياء الأبدان الضعفاء القلوب ﴿الفاسقين *﴾ أي الخارجين من قيد الطاعات، ثم بعد هلاكهم أدخلها بنيهم الذين نشأوا في التيه لسلامتهم من اعوجاج طباعهم التي ألبستهم إياها بلاد الفراعنة، فإني كتبتها لبني إسرائيل، ولم أخبر بتعيينهم - وإن كانوا معينين في علمي - كما اقتضت ذلك حكمتي؛ وفي هذه القصة أوضح دليل على نقضهم للعهود التي بنيت السورة على طلب الوفاء بها وافتتحت بها، وصرح بأخذها عليهم في قوله:
﴿ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل﴾ [المائدة: ١٢]


الصفحة التالية
Icon