عليه قوله: ﴿وهو الذي إليه﴾ أي لا إلى غيره بعد بعثكم من الموت ﴿تحشرون *﴾ فأتى بالبعث الذي هم له منكرون لكثرة ما أقام من الأدلة على تمام القدرة في سياق دال على أنه مما لا مجال للخلاف فيه، وأن النظر إنما هو فيما وراء ذلك، وهو أن عملهم للباطل سوَّغ تنزيلهم منزلة من يعتقد أنه يحشر إلى غيره سبحانه ممن لا قدرة له على جزائهم، فأخبرهم أن الحشر إليه لا إلى غيره، لأنه لا كلام هناك لسواه، فلا علق بين المحشورين ولا تناصر كما في الدنيا، والجملة مع ذلك كالتعليل للأمر بالتقوى، وقد بان أن الآية من الاحتباك، فإنه حذف الصلاة أولاً لدلالة ذكرها ثانياً، والإسلام ثانياً لدلالة ذكره أولاً.
ولما كانوا بعبادة غيره تعالى - مع إقرارهم بأنه هو خالق السماوات والأرض - في حال من يعتقد أن ذلك الذي يعبدونه من دونه هو الذي خلقهما، أو شاركاً فيهما. فلا قدرة لغيره على حشر من في مملكته، قال تعالى منبهاً لهم من غفلتهم وموقظاً من رقدتهم معيداً الدليل الذي ذكره أول السورة على وجه آخر: ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿الذي خلق﴾ أي أوجد واخترع وقدر ﴿السماوات والأرض﴾ أي على عظمهما وفوت ما فيهما من الحكم والمنافع الحصر ﴿بالحق﴾ أي بسبب إقامة الحق، وأنتم ترون أنه غير قائم في هذه الدار ولا هو قريب من القيام، فوجب على كل من يعلم أن الله حكيم


الصفحة التالية
Icon