خبير أن يعتقد أنه لا بد من بعثة العباد بعد موتهم - كما وعد بذلك - ليظهر العدل بينهم، فيبطل كل باطل ويحق كل حق، ويظهر الحكم لجميع الخلق.
ولما قرر أن إقامة الحق هي المراد، قرر قدرته عليها بقوله: ﴿ويوم يقول﴾ أي للخلق ولكل شيء يريده في هذه الدار وتلك الدار ﴿كن فيكون *﴾ أي فهو يكون لا يتخلف أصلاً.
ولما قرر أنه لا يتخلف شيء عن أمره، علله فقال: ﴿قوله الحق﴾ أي لا قول غيره، لأن أكثر قول غيره باطل، لأنه يقول شيئاً فلا يكون ما أراد؛ ولما كان في مقام الترهيب من سطوته، قال مكرراً لقوله «وهو الذي إليه تحشرون» :﴿وله﴾ أي وحده بحسب الظاهر والباطن ﴿الملك يوم﴾ ولما كان المقصود تعظيم النفخة، بني للمفعول قوله: ﴿ينفخ في الصور﴾ لانقطاع العلائق بين الخلائق، لا كما ترون في هذه الدار من تواصل الأسباب، وقولُه-: ﴿عالم الغيب﴾ وهو ما غاب عن كل ما سواه سبحانه ﴿والشهادة﴾ وهو ما صار بحيث يطلع عليه الخلق - مع كونه علة لما قبله من تمام القدرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في طه من تمام الترهيب، أي أنه لا يخفى عليه شيء