فلما أقام الدليل سبب عنه الأمر بالعبادة فقال: ﴿فاعبدوه﴾ أي وحده، لأن من أشرك به لم يعبده، لأنه الغنى المطلق، ومن كان له الغنى المطلق لا يحسن أن يقبل مشركاً، وختم الآية بقوله: ﴿وهو﴾ ولما كان المقام لنفي احتياجه إلى شيء، قدم قوله: ﴿على كل شيء وكيل*﴾ إشارة إلى أن الولد أو الشريك إنما يحتاجه العاجز المفتقر، وأما هو فهو القادر، ومن سواه عاجز، وهو الغني ومن سواه فقير، فكيف يحتاج القدير الغني إلى العاجز الفقير، هذا ما لا يكون، ولا ينبغي أن يتخيله الظنون، وفيه إشارة إلى أن العابد ينبغي أن يتفرغ لعبادته ويقطع أموره عن غير وكالته، فإنه يكفيه بفضله عمن سواه.
ولما كان كل والد وكل شريك لا بد أن يكون مجانساً لولده وشريكه بوجه، وصل بذلك من وصفه ما اقتضاه المقام من تنزيهه، فقال: ﴿لا تدركه﴾ أي حق الإدراك بالإحاطة ﴿الأبصار﴾ أي أن من جعلتموه ولده أو شريكه هو مدرك بأبصاركم كعيسى وعزير عليهما السلام والأوثان والنجوم والظلمة والنور، وأما الملائكة والجن فإن كان حكمكم عليهم بذلك عن مشاهدة فهم كمن تقدمهم، وإن كان