دلس أو شبه.
ولما أجاب عن شبهات الكفار، وبين صحة نبوته عليه السلام، شرع في الحث على الإعراض عن جهل الجهال، والإقبال على ذي الجلال، فكان التقدير: فإن أطعته فيما أمرك به اهتديت إلى صراط الله الذي يتم لك بسلوكه جميع ما وعدك به، عطف عليه قوله: ﴿وإن تطع﴾ ولما كانت أكثر الأنفس متقيدة بالأكثر، أشار إلى أن ذلك لا يفعله إلا جاهل مخلد إلى التقليد فقال: ﴿أكثر من في الأرض﴾ أي توجد طاعتك لهم في شيء من الأوقات بعد أن علمت أن أكثرهم إنما يتبع الهوى، وأن أكثرهم فاسقون لا يعلمون لا يشكرون ﴿يضلوك عن سبيل الله﴾ أي المستجمع لصفات الكمال؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿إن﴾ أي لأنهم ما ﴿يتبعون﴾ في أمورهم ﴿إلا الظن﴾ أي كما يظن هؤلاء جهلاً أن آباءهم كانوا على الحق.
ولما كان أكثر من يجزم بالأمور بما دعاه إليه ظنه كذباً، وكان الخارص يقال على الكاذب والمخمن الحازر، قال: ﴿وإن هم﴾ أي بصميم ضمائرهم ﴿إلا يخرصون *﴾ أي يجزمون بالأمور بحسب ما يقدرون، فيكشف الأمر عن أنها كذب، فيعرف الفرق بينك وبينهم في تمام الكلام ونفوذه نفوذ السهام، أو تخلفه عن التمام ونكوصه