أنه لا مكرر في القرآن، وإن رأيت شيئاً مكرراً من حيث الظاهر فانظر إلى سوابقه ولواحقه لينكشف لك مزيد الفائدة في إعادته - انتهى. وفي ذلك نكتة أخرى، وهي أن الرحمن مشير إلى ما قال من جهة الربوبية في الإيجادين: الأول والثاني، والرحيم مشير بخصوصه بما ترضاه الإلهية إلى الإيجاد الثاني والإبقاء الثاني بالرحمة الجزائية وإلى ما يفهمه الخصوص من النعمة بمن لم يخصه الرحمة - كما مضت الإشارة إليه في الفاتحة.
ولما كان معنى التحذير من طاعة المشركين أنكم إن فعلتم كنتم قد رددتم أنفسكم إلى ظلام الضلال بعد أن منحتم نور الهداية، فكان التقدير: أفمن كان هكذا كان كمن نصح لنفسه باتباع الأدلة وتوقي الشبه، عطف عليه قوله: ﴿أو من كان ميتاً﴾ أي بالغرق في أمواج ظلام الكفر، ليس لهم من ذواتهم إلا الجمادية بل العدمية ﴿فأحييناه﴾ أي بما لنا من العظمة بإشراق أنوار الإيمان على قبله الذي إن صلح صلح الجسد كله، وإن فسد فسد الجسد كله ﴿وجعلنا﴾ أي بعظمتنا على وجه الخصوص ﴿له نوراً﴾ أي بالهداية إلى كل خير ﴿يمشي﴾ مستضيئاً ﴿به في الناس﴾ فيعرفون أفعاله وأخلاقه وأقواله ﴿كمن مثله﴾ أي الذي يمثل به، وهو ما ينكشف بوجه الشبه روح لبه وخلاصة حال قلبه،


الصفحة التالية
Icon