تذكرك يوم ﴿يحشرهم﴾ أي أهل ولايتنا وأهل عداوتنا ﴿جميعاً﴾ لا نذر منهم أحداً ﴿يا﴾ أي فنقول على لسان من نشاء من جنودنا لأهل عداوتنا تبكيتاً وتوبيخاً حين لا يكون لهم مدافعة أصلاً: ﴿معشر الجن﴾ أي المستترين الموحشين من مردة الشياطين المسلطين على الإنس، وهم يرونهم من حيث لا ترونهم ﴿قد استكثرتم﴾ أي طلبتم وأوجدتم الكثرة ﴿من الإنس﴾ أي من إغواء المؤنسين الظاهرين حتى صار أكثرهم أتباعكم، فالآية من الاحتباك: عبر بما يدل على الستر أولاً دلالة على ضده - وهو الظهور - ثانياً، وبما معناه الاستئناس والسكون ثانياً دلالة على ضده وهو الإيحاش والنفرة - أولاً. ﴿وقال﴾ هو عطف على جواب الجن المستتر عن العامل في «يا معشر» الذي تقديره كما يهدي إليه الآيات التي تأتي في السورة الآتية في تفصيل هذه المحاورة: فقالوا: ربنا هم ضلوا، لأنهم كانوا يستمعون بنا في نفوذهم وسماعهم الأخبار الغريبة منا، فاستوجبوا العذاب بمفردهم، وستر جواب الجن لأنه - مع كونه لا يخفى لدلالة المعطوف عليه- مناسب لحالهم في الاستتار مع شهرتهم، وذكره بلفظ الماضي إشارة إلى تحقق وقوعه، لأنه خبر من لا يخلف الميعاد، والمراد بهذه المحاورة ضرب مما يأتي تفصيله بقوله ﴿قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا﴾ [الأعراف: ٣٨]-


الصفحة التالية
Icon