إلى التوبة: ﴿ألم يأتكم رسل﴾ ولما صار القبيلان بتوجيه الخطاب نحوهم دفعة كالشيء الواحد قال: ﴿منكم﴾ وإن كان الرسل من الإنس خاصة.
ولما كان النظر في هذه السورة إلى العلم غالباً لإثبات تمام القدرة الذي هو من لوازمه بدليل ﴿يعلم سركم وجهركم﴾ [الأنعام: ٣]، ﴿أليس الله بأعلم بالشاكرين﴾ [الأنعام: ٥٣] ﴿وعنده مفاتح الغيب﴾ [الأنعام: ٥٩] وغيرها، ولذلك أكثر فيها من ذكر التفصيل الذي لا يكون إلاّ للعالم، كان القص - الذي هو تتبع الأثر - أنسب لذلك فقال ﴿يقصون﴾ بالتلاوة والبيان لمواضع الدلائل ﴿عليكم آياتي﴾ أي يتبعون بالعلامات التي يحق لها بما لها من الجلال والعظمة أن تنسب إلى مواضع شبهكم، فيحلونها حلاً مقطوعاً به ﴿وينذرونكم﴾ أي يخوفونكم ﴿لقاء يومكم هذا﴾ أي بما قالوا لكم أنه يطلبكم طلباً حثيثاً وأنتم صائرون إليه في سفن الأيام ومراكب الآثام وأنتم لا تشعرون سيراً سريعاً ﴿قالوا﴾ معذرين من أنفسهم بالذل والخضوع ﴿شهدنا﴾ بما فعلت بنا أنت سبحانك من المحاسن وما فعلنا نحن من القبائح ﴿على أنفسنا﴾ أي بإتيان الرسل إلينا ونصيحتهم لنا بدليل الآية الأخرى
﴿قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين﴾ [الزمر: ٧١] وبين أن ضلالهم كان بأردإ الوجوه وأسخفها الدنيا، بحيث إنهم اغتروا بها مع دناءتها لحصورها عن الآخرة مع شرفها لغيابها فقال: ﴿وغرتهم﴾


الصفحة التالية
Icon