لله على خلاف ما ادعوه، فبطل قطعاً أن يكون أحد يشهد على ذلك بحق.
ولما كان كأنه قيل: فإنهم إذا أحضروا لا يقدرون - إن كان لهم عقل أو فيهم حياء - على النطق إذا سمعوا هذا الحق، بني عليه قوله: ﴿فإن﴾ اجترؤوا بوقاحة ﴿شهدوا﴾ أي كذباً وزوراً بذلك الذي أبطلناه بالأدلة القطعية ﴿فلا تشهد معهم﴾ أي فاتركهم ولا تسلم لهم، فإنهم على ضلال وليست شهادتهم مستندة إلا إلى الهوى ﴿ولا تتبع أهواء﴾ وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف دلالة على أن القائد إلى التكذيب وكل ردى إنما هو الهوى، وأن من خالف ظاهر الآيات إنما هو صاحب هوى، فقال: ﴿الذين كذبوا﴾ أي أوقعوا التكذيب ﴿بآياتنا﴾ أي على ما لها من الظهور بما لها من العظمة بإضافتها إلينا.
ولما وصفهم بالتكذيب، أتبعه الوصف بعدم الإيمان، ودل بالنسق بالواو على العراقة في كل من الوصفين فقال: ﴿والذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ أي التي هي دار الجزاء، فإنهم لو جوزوها ما اجترؤوا على الفجور ﴿وهم بربهم﴾ أي الذين لا نعمة عليهم ولا خير عندهم إلا وهو منه وحده ﴿يعدلون﴾ أي يجعلون غيره عديلاً له، وسيعلمون حين يقولون لشركائهم وهم في جهنم يختصمون ﴿تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين﴾ [الشعراء: ٩٧، ٩٨].


الصفحة التالية
Icon