القربان فضلاً عن الغشيان فقال: ﴿ولا تقربوا الفواحش﴾ ثم أبدل منها تأكيداً للتعميم قوله: ﴿ما ظهر منها﴾ أي الفواحش ﴿وما بطن﴾ ثم صرح منها بمطلق القتل تعظيماً له بالتخصيص بعد التعميم فقال: ﴿ولا تقتلوا النفس التي حرم الله﴾ أي الملك الأعلى عليكم قتلها ﴿إلا بالحق﴾ أي الكامل، ولا يكون كاملاً إلا وهو كالشمس وضوحاً لا شبهة فيه، فصار قتل الولد منهياً عنه ثلاث مرات؛ ثم أكد المذكور بقوله: ﴿ذلكم﴾ أي الأمر العظيم في هذه المذكورات.
ولما كانت هذه الأشياء شديدة على النفس، ختمها بما لا يقوله إلا المحب الشفوق ليتقبلها القلب فقال: ﴿وصّاكم به﴾ أمراً ونهياً؛ ولما كانت هذه الأشياء لعظيم خطرها وجلالة وقعها في النفوس لا تحتاج إلى مزيد فكر قال: ﴿لعلكم تعقلون *﴾ أي لتكونوا على رجاء من المشي على منهاج العقلاء، فعلم من ذكر الوصية أن هذه المذكورات هي الموصى بها والمحرمات أضدادها، فصار شأنها مؤكداً من وجهين: التصريح بالتوصية بها، والنهي عن أضدادها.
ولما كان المال عديل الروح من حيث إنه لا قوام لها إلا به، ابتدأ الآية التي تليها بالأموال، ولما كان أعظمها خطراً وحرمة مال اليتيم لضعفه وقلة ناصره، ابتدأ به فنهي عن قربه فضلاً عن أكله أو شربه


الصفحة التالية
Icon