بقوله: ﴿ثم﴾ بعد استيفاء ما ضرب لهم من الآجال ﴿ينبئهم﴾ أي تنبئة عظيمة جليلة مستقصاة بعد أن يحشرهم إليه داخرين ﴿بما كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿يفعلون *﴾ أي من تلك الأشياء القبيحة التي كان لهم إليها أتم داعية غير متوقفين في إصدارها على علم مع ادعاء التدين بها، والآية - مع ما تقدم من مقتضياتها - تعليل لقوله ﴿ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾ [الأنعام: ١٥٣].
ولما أخبر أن أمرهم ليس إلا إليه، كان كأنه قيل: فماذا يفعل بهم حينئذ؟ فأجيب بقوله: ﴿من جاء﴾ أي منهم أو من غيرهم ﴿بالحسنة﴾ أي الكاملة بكونها على أساس الإيمان ﴿فله﴾ من الحسنات ﴿عشر أمثالها﴾ كرماً وإحساناً وجوداً وامتناناً، يجازيه بذلك في الدنيا أو في الآخرة، وهذا المحقق لكل أحد ويزداد البعض وضوحاً بحسب النيات، وذكر العشر، لأنه بمعنى الحسنة، وهو مضاف إلى ضميرها. ولما تضمن قوله ﴿وأوفوا الكيل والميزان بالقسط﴾ [الأنعام: ١٥٣] مع تعقيبه بقوله ﴿لا نكلف نفساً إلاّ وسعها﴾ [الأنعام: ١٥٢] الإشارة إلى أن المساواة في الجزاء مما ينقطع دونه أعناق الخلق، أخبر أن ذلك عليه هين لأن عمله شامل وقدرته كاملة بقوله:


الصفحة التالية
Icon