وكانت القدرة لا تتم إلا بالعلم، دل عليه بقوله: ﴿وهو﴾ أي لا غيره ﴿السميع﴾ أي البالغ السمع لكل متحرك ﴿العليم *﴾ أي العام العلم بالبصر والسمع وغيرهما بكل متحرك وبكل ساكن من أقوالكم وأفعالكم وغيرهما، فلا تطمعوا في أن يترك شيء من مجازاتكم، والعليم هنا أبلغ من البصير، وذلك مثل ما تقدم في قوله: ﴿قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم﴾ [المائدة: ٧٦] وهو ترجمة قوله: ﴿يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون﴾ [الأنعام: ٣].
ولما نهض من الحجج ما لم يبق معه لذي بصيرة شك، كان لسان الحال مقتضياً لأن ينادي بالإنكار عليهم في الالتفات عن جنابه والإعراض عن بابه فأبرز تعالى ذلك في قالب الأمر له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإنكار على نفسه، ليكون أدعى لهم وأرفق بهم، ولأن ما تقدم منبئ عن غاية المخالفة، منذر بما أنذر من سوء عاقبة المشاققة، فكأنهم قالوا: فهل من سبيل إلى المواقة؟ فقيل: لا إلا باتخاذكم إلهي ولياً، وذلك لعمري سعادتكم في الدارين، وبتطمعكم في اتخاذي أندادكم أولياء، وهذا ما لا يكون أبداً، وهو معنى قوله تعالى: ﴿قل﴾ أي مصرحاً لهم بإنكار أن تميل إلى أندادهم بوجه.
ولما كان الإنكار منصباً إلى كون الغير متخذاً، لا إلى اتخاذ الولي،


الصفحة التالية
Icon