نوع ذهول وغفلة، فإذا سمعت دعوة الأنبياء واتصلت بها أنوار أرواح رسل الله تذكرت مركزها وأبصرت منشأها، فاشتاقت إلى ما حصل هناك من الروح والريحان فطارت نحوهم كل مطار فتمحضت لديها تلك الأنوار؛ وقال أبو حيان: واعتلاق هذه السورة بما قبلها هو أنه لما ذكر تعالى قوله:
﴿وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه﴾ [الأنعام: ١٥٥] واستطرد ممنه لما بعده إلى قوله في آخر السورة ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض﴾ [الأنعام: ١٦٥] وذكر ابتلاءهم فيما آتاهم، وذلك لا يكون إلا بالتكاليف الشرعية، ذكر ما يكون به التكاليف، وهو الكتاب الإلهي، وذكر الأمر باتباعه كما أمر في قوله ﴿وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه﴾ [الأنعام: ١٥٥]- انتهى. وقال شيخه الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما قال تعالى ابتداء بالاعتبار ﴿ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين﴾ [الأنعام: ٦] ثم قال تعالى ﴿ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون﴾ [الأنعام: ١٠] ثم قال تعالى: ﴿قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾ [الأنعام: ١١] ثم قال تعالى


الصفحة التالية
Icon