عليهم ﴿اتبعوا﴾ أي حملوا أنفسكم حملاً عظيماً بجد ونشاط على اتباع ﴿ما أنزل إليكم﴾ أي قد خصصتم به دون غيركم فاشكروا هذه النعمة ﴿من ربكم﴾ أي الذي لم يزل محسناً إليكم ﴿ولاتتبعوا﴾ ولعله عبر بالافتعال إيماء إلى أن ما كان دون علاج - بل هفوة وبنوع غفلة - في محل العفو ﴿من دونه﴾ أي دون ربكم ﴿أولياء﴾ أي من الذين نهيناكم عنهم في الأنعام وبينا ضررهم لكم من شياطين الإنس والجن وعدم إغنائهم وأن الأمر كله لربكم.
ولما كانوا قد خالفوا في اتباعهم صريح العقل وسليم الطبع، وعندهم أمثلة ذلك لو تذكروا، قال منبهاً لهم على تذكر ما يعرفون من تصرفاتهم: ﴿قليلاً﴾ وأكد التقليل ب «ما» النافي وبإدغام تاء التفعيل فقال: ﴿ما تذكرون*﴾ أي تعالجون أنفسكم على ذكر ما هو مركوز في فطركم الأولى فإنكم مقرون بأن ربكم رب كل شيء، فكل من تدعون من دونه مربوب، وأنتم لا تجدون في عقولكم ولا طباعكم ولا استعمالاتكم ما يدل بنوع دلالة على أن مربوباً يكون شريكاً لربه.
ولما كان من أعظم ما يتذكر سار النعم وضار النقم للإقبال على الله والإعراض عما سواه وعدم الأغترار باسباب الأمن والراحة، قال: ﴿وكم﴾ أي قلّ تذكركم وخوفكم من سطواتنا والحال أنه


الصفحة التالية
Icon