مطابقة حقيقية لا فضل فيها أصلاً ولا يتجاوز الوزن في ذلك اليوم الحق إلى شيء من الباطل بزيادة ذرة ولا نقصها ولا ما دون ذلك، فتحرر أن مقصود السورة الحث على اتباع الكتاب، وهو يتضمن الحث على اتباع الرسول والدلالة على التوحيد والقدرة على البعث ببيان الأفعال الهائلة في ابتداء الخلق وإهلاك الماضين إشارة إلى أن من لم يتبعه ويوحد - من إنزله على هذا الأسلوب الذي لا يستطاع، والمنهاج الذي وقفت دونه العقول والطباع، لما قام من الأدلة على توحيده بعجز من سواه عن أقواله وأفعاله - أوشك أن يعاجله قبل يوم البعث بعقاب مثل عقاب الأمم السالفة والقرون الخالية مع ما ادخر له في ذلك اليوم من سوء المنقلب وإظهار اثر الغضب.
ولما أخبر أن العبرة بالميزان على وجه يظهر أنه لا حيف فيه بوجه، تسبب عنه قوله: ﴿فمن ثقلت﴾ أي دست ورسبت على ما يعهد في الدنيا ﴿موازينه﴾ أي موزونات أعماله، أي أعماله الموزونة، ولعله عبر بها عنها إشارة إلى ان كل عمل يوزن على حدة ليسعى في إصلاحه ﴿فأولئك﴾ أي العالو الهمم ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿المفلحون*﴾ أي الظاهرون بجميع مآربهم ﴿ومن خفت﴾ أي طاشت ﴿موازينه﴾ أي التي توزن فيها الأعمال الصالحة ﴿فأولئك﴾ المبعدون ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ أي التي هي رأس مالهم فكيف بما دونها ﴿بما كانوا بآياتنا﴾ أي على ما لها من العظمة ﴿يظلمون*﴾