الجنة. فإنها لا تقبل عاصياً، وعبر بالهبوط الذي يلزم منه سقوط المنزلة دون الخروج، لأن مقصود هذه السورة الإنذار وهو أدل عليه، وسبب عن أمره بالهبوط الذي معناه النزول والحدور والانحطاط والنقصان والوقوع في شيء منه قوله: ﴿فما يكون﴾ أي يصح ويتوجه بوجه من الوجوه ﴿لك أن تتكبر﴾ أي تتعمد الكبر وهو الرفعة في الشرف والعظمة والتجبر، ولا مفهوم لقوله ﴿لك﴾ ولا لقوله ﴿فيها﴾ لوجود الصرائح بالمنع من الكبر مطلقاً ﴿إنه لا يحب المستكبرين﴾ [النحل: ٢٣]، ﴿كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر﴾ [غافر: ٣٥] ﴿قال الذين استكبروا إنا كل فيها﴾ [غافر: ٤٨]، وإنما قيد بذلك تهويلاً للأمر، فكأنه قيل: لا ينبغي التكبر إلا لنا، وكلما قرب الشخص من محل القدس الذب هو مكان المطيعين المتواضعين جل تحريم الكبر عليه «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل كبر» رواه مسلم وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه، وسبب عن كونها لا تقبل الكبر قوله: ﴿فاخرج﴾ أي من الجنة دار الرضوان، فانتقى أن يكون الهبوط من موضع عال من الجنة إلى موضع منها أحط منه، ثم علل أمره بالهبوط والخروج بقوله مشيراً إلى كل من أظهر الاستكبار ألبس الصغار: ﴿إنك من الصاغرين*﴾ أي الذين هم أهل للطرد والبعد والحقارة والهوان.


الصفحة التالية
Icon