فطلب أن يرتقي هو إلى درجاتهم العالية بالبكاء والندم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة خضوعاً لمقام الربويية وذلاً لعظيم شأنه.
ولما كان كأنه قيل: ماذا قال له؟ قيل: ﴿قال﴾ في جواب ما ذكر لنفسه في هذا السياق من القوة والاقتدار وأبان عنه من الكبر والافتخار ما دل على أنه من أهل الصغار، لا يقدر على شيء إلا بإقرار العزيز الجبار، مصرحاً بما أريد من الهبوط الذي ربما حمل على النزول من موضع من الجنة عال إلى مكان منها أحط منه ﴿اخرج منها﴾ أي الجنة ﴿مذءوماً﴾ أي محقوراً مخزياً بما تفعل، قال القطاع: ذأمت الرجل: خزيته، وقال ابن فارس: ذأمته، أي حقرته ﴿مدحوراً﴾ أي مبعداً مطروداً عن كل ما لا أريده.
ولما علم بعض حاله، تشوفت النفس إلى حال من تبعه، فقال مقسماً مؤكداً بما يحق له من القدرة التامة والعظمة الكاملة: ﴿لمن تبعك منهم﴾ أي بني آدم، وأجاب القسم بما أغنى عن جواب الشرط فقال: ﴿لأملأن جهنم منكم﴾ أي منك ومن قبيلك ومنهم ﴿أجمعين*﴾ أي لا يفوتني منكم أحد، فلم يزل من فعل ذلك منكم على أذى نفسه ولا أبالي أنا بشيء.
ولما أوجب له ما ذكر من الشقاوة تماديه في الحسد وكثرة كلامه


الصفحة التالية
Icon