الأولى لأنه بطريق النسيان كما في طه - ظلماً كما هي عادة الأكابر في استعظام الصغير منهم، ولم يجادلا كما فعل إبليس، وفي ذلك إشارة إلى أن المبادرة إلى الإقرار بالذنب من فعال الأشراف لكونه من معالي الأخلاق، وأنه لا مثيل له في اقتضاء العفو وإزالة الكدر وأن الجدال من فعال الأرذال ومن مساوي الأخلاق وموجبات الغضب المقتضى للطرد.
ولما تشوفت النفس إلى جواب العلي الكبير سبحانه، أجيبت بقوله ﴿قال اهبطوا﴾ أي إلى دار المجاهدة والمقارعة والمناكدة حال كونكم ﴿بعضكم لبعض عدو﴾ أي أنتما ومن ولدتماه أعداء إبليس ومن ولد، وبعض أولادكم أعداء لبعض، ولا خلاص إلا باتباع ما منحتكم من هدى العقل وما أنزلت إليكم من تأييده بالنقل، وفي ذلك تهديد صادع لمن له أدنى مسكة بالأشارة إلى قبح مغبة المخالفة ولو مع التوبة، وحث على دوام المراقبة خوفاً من سوء المعاقبة ﴿ولكم في الأرض﴾ أي جنسها ﴿مستقر﴾ أي موضع استقرار كالسهول وما شابهها ﴿ومتاع إلى حين*﴾ أي انقضاء آجالكم ثم انقضاء اجل الدنيا.
ولما علم بهذا أن للكون في الأرض آخراً، وكان من الفلاسفة