إلا بخير» - كما رواه الشيخان عن عمران بن حصين رضي الله عنهما.
ولما كان نهي الشيطان عن فتنتنا إنما هو في الحقيقة نهي لنا عن الافتتان به، فهو في قوة ليشتد حذركم من فتنته فإنه دقيق الكيد بعيد الغور بديع المخاتله؛ علل ذلك بقوله: ﴿إنه يراكم﴾ أي الشيطان ﴿هو وقبيله﴾ أي جنوده ﴿من حيث لا ترونهم﴾ عن مالك بن دينار أن عدواً يراك ولا تراه لشديد المؤنة إلا من عصمه الله.
ولما كان كأنه قيل: لم سلطوا علينا هذا التسليط العظيم الذي لا يكاد يسلم معه أحد، قال مخففاً لأمرهم موهياً في الحقيقة لكيدهم: ﴿إنا﴾ أي فعلنا ذلك لأنا بما لنا من العظمة ﴿جعلنا الشياطين﴾ أي المحترقين بالغضب البعيدين من الرحمة ﴿أولياء﴾ أي قرباء وقرناء ﴿للذين لا يؤمنون*﴾ أي يجددون الإيمان، لأن بينهم تناسباً في الطباع يوجب الاتباع، وأما أولياؤنا الذين منعناهم بقوتنا منه أو فتناهم يسيراً بهم، ثم خلصناهم بلطفنا منهم فليسوا لهم بأولياء، بل هم لهم أعداء وآيتهم أنهم يؤمنون، والمعنى أنا مكناهم من مخاتلتكم بسترهم عنكم وإظهاركم لهم، فسلطناهم بذلك على من حكمنا بأنه لا يؤمن بتزيينهم لهم وتسويلهم واستخفافهم بأن ينصروهم في بعض المواطن ويوصلوهم إلى شيء من المطالب، فعلنا ذلك ليتبين الرجل الكامل - الذي يستحق الدرجات العلى ويتردد إليه الملائكة بالسلام والجنى - من غير فخذوا حذركم فإن الأمر


الصفحة التالية
Icon