النعيم في دارهم ما يكدر نعيمها ﴿وعلى الأعراف﴾ جمع عرف وهو كل عال مرتفع لأنه يكون أعرف مما انخفض، وهي المشرفات من ذلك الحجاب ﴿رجال﴾ استوت حسناتهم وسيئاتهم فوفقوا هنالك حتى يقضي الله فيهم ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته كما جاء مفسراً في مسند ابن أبي خثيمة من حديث جابر رضى الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿يعرفون كلاًّ﴾ أي من أصحاب الجنة وأصحاب النار قبل دخول كل منهم داره ﴿بسيماهم﴾ أي علامتهم ﴿ونادوا﴾ أي أصحاب الأعراف ﴿أصحاب الجنة﴾ أي بعد دخولهم إليها واستقرارهم فيها ﴿أن سلام عليكم﴾ أي سلامة وأمن من كل ضار.
ولما كان هذا السلام ربما أشعر أنه بعد دخول أهل الأعراف الجنة، فكأنه قيل أكان نداؤهم بعد مفارقتهم الأعراف ودخولها؟ فقيل لا، ﴿لم يدخلوها﴾ أي الجنة بعد ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم ﴿يطمعون*﴾ في دخولها، وعبر بالطمع لأنه لا سبب للعباد إلى الله من أنفسهم وإن كانت لهم أعمال فضلاً عن هؤلاء الذين لا أعمال لهم.
ولما دل ما تقدم على أنهم مقبلون على الجنة وأهلها، قال مرغباً مرهباً: ﴿وإذا صرفت﴾ بناه للمفعول لأن المخيف لهم الصرف لا كونه من معين ﴿أبصارهم﴾ أي صرفها صارف من قبل الله بغير اختيار منهم ﴿تلقاء﴾ أي وجاه ﴿أصحاب النار﴾ أي بعد استقرارهم فيها فرأوا ما فيها من العذاب ﴿قالوا﴾ أي أصحاب الأعراف حال كونهم لم يدخلوها


الصفحة التالية
Icon