جميع العظمة ﴿حرمهما﴾ أي منعهما بتلك الأهوية وغيرها من الموانع ﴿على الكافرين*﴾ أي الساترين لما دلهم عليه قويم العقل وصريح النقل ﴿الذين اتخذوا﴾ أي تكلفوا غير ما دلهم عليه العقل الفطري حين نبه بالعقل الشرعي بأن أخذوا ﴿دينهم﴾ بعد ما محقوا صورته وحقيقته كما يمحق الطين إذا اتخذته خزفاً فصار الدين ﴿لهواً﴾ أي اشتغالاً بما من شأنه أن يغفل وينسى عن كل ما ينفع من الأمور المعجبة للنفس من غير نظر في عاقبة، فجوزوا من جنس عملهم بأن لم ينظر لهم في إصلاح العاقبة.
ولما قدم ما هو أدعى إلى الاجتماع على الباطل الذي هو ضد مقصود السورة من الاجتماع على الجد وأدعى إلى الغفلة، وكان من شأن الغفلة عن الخير أن تجر إلى استجلاب الأفراح والانهماك في الهوى، حقق ذلك بقوله: ﴿ولعباً﴾ أي إقبالاً على ما يجلب السرور ويقطع الوقت الحاضربالغرور، ولذلك أتبعه قوله: ﴿وغرتهم﴾ أي في فعل ذلك ﴿الحياة الدنيا﴾ أي بما فيها من الأعراض الزائلة من تأميل طول العمر والبسط في الرزق ورغد العيش حتى صاروا بذلك محجوبين عن نظر معانيها وعما دعا إليه تعالى من الإعراض عنها فلم يحسبوا حساب ما وراءها. ولما كان تركهم من رحمته سبحانه مؤبداً، أسقط الجار ﴿فاليوم﴾ أي فتسبب عن ذلك أن في هذا اليوم ﴿ننساهم﴾


الصفحة التالية
Icon