ولما كان الضلال من صفات الفعل، واكتفى بالجملة الفعلية الدالة على حدوث في قوله: ﴿وأنصح﴾ وقصر الفعل ودل على تخصيص النصح بهم ومحضه لهم فقال: ﴿لكم﴾ والنصيحة: الإرشاد إلى المصلحة مح خلوص النية من شوائب المكروه، ولما كان الضلال من الجهل قال: ﴿وأعلم من الله﴾ أي من صفات الذي له صفات الكمال وسائر شؤونه ﴿ما لا تعلمون*﴾ أي من عظيم أخذه لمن يعصيه وغير ذلك مما ليس لكم قابلية لعلمه بغير سفارتي فخذوه عني تصيروا علماء، ولا تتركوه بنسبتي إلى الضلال تزدادوا ضلالاً.
ولما كان الحامل لهم على هذا مجرد استبعاد أن يختص عنهم بفضيلة وهو منهم كما سيأتي في غير هذه السورة، أنكر ذلك عليهم بقولة: ﴿أو عجبتم﴾ أي أكذبتم وعجبتم ﴿أن جاءكم﴾ وضمن جاء معنى أنزل، فلذلك جعلت صلته «على» فقال: ﴿ذكر﴾ رسالة ﴿من ربكم﴾ أي المحسن إليكم بالإيجاد والتربية منزلاً ﴿على الرجل﴾ أي كامل في الرجولية وهو مع ذلك بحيث لا تتهمونه فإنه ﴿منكم﴾ لقولكم: ﴿ما سمعنا بهذا﴾ أي إرسال البشر ﴿في آبائنا الأولين﴾
[المؤمنون: ٢٤] ﴿لينذركم﴾ لتحذروا ما ينذركموه ﴿ولتتقوا﴾ أي تجعلوا بينكم وبين ما تحذرونه وقاية لعلكم تنجون ﴿ولعلكم ترحمون*﴾ أي وليكون حالكم إذا لقيتم الله حال من ترجى


الصفحة التالية
Icon