معناه، دل ذلك قطعاً على أن الأمر لهم بعبادتها إنما هو ظلام الهوى لأنه عمى محض من شأن الإنسان ركوبه بلا دليل أصلاً.
ولما أخبرهم بوقوع العذاب وسببه، بين لهم أن الوقوع ليس على ظاهرة في الإنجاز، وإنما معناه الوجوب الذي لا بد من فقال: ﴿فانتظروا﴾ ثم استأنف الإخبار عن حاله بقوله: ﴿إني﴾ وأشار بقوله: ﴿معكم﴾ إلى أنه لا يفارقهم لخشيته منهم ولا غيرها ﴿من المنتظرين*﴾.
ولما كان هذا ينبغي أن يكون سبباً للتصديق الذي هو سبب الرحمة، بين أنه إنما سبب لهم العذاب، وله ولمن تبعه النجاة، فبدأ بالمؤمنين اهتماماً بشأنهم بقوله: ﴿فأنجيناه﴾ أي بما لنا من العظمة إنجاء وحيّاً سريعاً سللناهم به من ذلك العذاب كسل الشعرة من العجين ﴿والذين معه﴾ أي في الطاعة، وأشار إلى أنه لا يجب على الله شيء بقوله: ﴿برحمة﴾ أي بإكرام وحياطة ﴿منا﴾ أي لا بعمل ولا غيره.
ولما قدم الإنجاء اهتماماً به، أتبعه حالهم فقال معلماً بأن أخذه على غير أخذ الملوك الذين يعجزون عن الاستقصاء في الطلب، فتفوتهم أواخر العساكر وشذاب الجنود والأتباع ﴿وقطعنا﴾ دابرهم أي آخرهم، هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر تصريحاً بالمقصود وبياناً لعلة أخذهم فقال: ﴿دابر﴾ أي آخر، أي استأصلنا وجعلنا ذلك الاستئصال معجزة لهود عليه السلام ﴿الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي ولم يراقبوا عظمتها بالنسبة


الصفحة التالية
Icon