به تخلية سبيل بني إسرائيل، وكان فرعون ضنيناً بذلك، أكده بعض التأكيد فقال: ﴿إني رسول﴾ ثم بين مرسله بقوله: ﴿من رب العالمين*﴾ أي المحسن إليهم أجمعين - وأنتم منهم - بإيجادهم وتربيتهم، فهو تنبيه لمن سمعه على أن فرعون مربوب مقهور.
ولما خلفه مما يدعيه من الربوبية دالاً على تسويته ببقية العالمين: ناطقهم وصامتهم، وكان لذلك بعيداً من الإذعان لهذا الكلام، أتبعه قوله على وجه التأكيد مستأنفاً بيان ما يلزم للرسول: ﴿حقيق﴾ أي بالغ في الحقية، وهي الثبات الذي لا يمكن زواله ﴿على أن لا أقول على الله﴾ أي الذي له جميع الكمال، ولا عظمة لسواه ولا جلال ﴿إلا الحق﴾ أي الثابت الذي لا تمكن المماراة فيه اصلاً لما يصدقه من المعجزات، وحاصل العبارة ومآلها: حق على قولي الذي أطلقه على الله أن لا يكون إلا الحق أي غير الحق، ولذلك عبر بالاسم الأعظم الجامع لجميع الصفات، وقراءة نافع بتشديد ياء الإضافة في ﴿على﴾ بمعنى هذا سواء، لأن من حق عليه شيء حق على كلامه.
ولما كان الحال إذ ذاك يقتضي توقع إقامة موسى عليه السلام البينة على صحة رسالته كان كأنه قيل: ما دليل صدقك؟ فقال مفتتحاً بحرف التوقع والتحقيق: ﴿قد جئتكم﴾ أي كلكم، لا أخص أحداً منكم ﴿ببينة﴾


الصفحة التالية
Icon