ولما كانوا بإسراع التذكر كأنهم لم يمسهم شيء من أمره، أشاره إلى ذلك بالجملة الاسمية مؤكداً لسرعة البصر بإذا الفجائية: ﴿فإذا هم﴾ أي بنور ضمائرهم ﴿مبصرون *﴾ أي ثابت إبصارهم فلا يتابعون الشيطان، فإن المتقي من يشتهي فينتهي، ويبصر فيقصر، وفي ذلك تنبيه على أن من تمادى مع الشيطان عمي لأنه ظالم، والظالم هو من يكون كأنه في الظلام.
ولما وصف المتقون الذين هم العلماء ملوحاً إلى نصح وليهم لهم، وعرف من حالهم أنهم أعداء الشيطان، وعرف أن أضدادهم أولياؤه؛ أتبعه وصف الجاهلين وغش أوليائهم لهم والكل غير متقين، فقال: ﴿وإخوانهم﴾ أي وإخوان الجاهلين من شياطين الأنس والجن ﴿يمدونهم﴾ أي يمدون الجاهلين، من المد وهو الإمهال والإطالة على قراءة الجماعة، وهو بمعنى قراءة أهل المدينة بالضم من الإمداد، وقال الواحدي: إن هذا أكثر ما يأتي فيما يحمد كأمددناهم بفاكهة، فهو من استعمال الشيء في ضده نحو ﴿فبشرهم بعذاب﴾، وكأنه يشير إلى أن الشيطان أكثر ما يأتي الإنسان في صورة الناصح الشفيق، والأوجه أن يكون الإخوان الجاهلين لأنهم في مقابلة ﴿الذين اتقوا﴾ ويكون الضمير للشيطان المراد به الجنس، أي وإخوان الشياطين - وهم الجاهلون الذين لا يتقون - يمدهم أولياؤهم من الشياطين ﴿في الغي﴾ وهو ضد


الصفحة التالية
Icon