لكم، ويمنعكم ما ليس لكم ﴿وأصلحوا ذات بينكم﴾ أي الحال التي هي صاحبة افتراقكم واجتماعكم، فإن أغلب أمرها البين الذي هو القطيعة، وقد أشرفت على الفساد بطلب كل فريق الأثرة على صاحبه فأقبلوا على رعايتها بالتسليم لأمر الله ورسوله الأمرين بالإعراض عن الدنيا ليقسمها بينكم على سواء، القوي والضعيف سواء، فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم، لتجتمع كلمتكم فيشتد أمركم ويقوى أزركم فتقدروا على إقامة الدين وقمع المفسدين ﴿وأطيعوا الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿ورسوله﴾ أي الذي عظمته من عظمته في كل ما يأمرانكم به من تنفيل لمن يراه وإنفاذ شرط ووفاء عهد لمن عاهده.
ولما أمر ونهى هيج وألهب فقال مبيناً كون الإيمان مستلزماً للطاعة: ﴿إن كنتم مؤمنين*﴾ أي صادقين في دعوى الإيمان، فليس كل من يدعي شيئاً يكون صادقاً في دعواه حتى يحصل البيان بالامتحان، ولذلك وصل به قوله مؤكداً غاية التأكيد لأن التخلص من الأعراض الدنيوية عسر: ﴿إنما المؤمنون﴾ أي الراسخون في وصف الإيمان ﴿الذين﴾ أي يقيمون الدليل على دعوى الإيمان بتصديق أفعالهم لأقوالهم فيكونون ﴿إذا ذكر الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال من الجلال والجمال مجرد ذكر في نحو قوله ﴿الأنفال لله﴾ ﴿وجلت﴾ أي خافت خوفاً عظيماً يتخلل صميم عظامهم ويجول في سائر معانيهم وأجسامهم ﴿قلوبهم﴾ أي


الصفحة التالية
Icon