ومساترة في مماكرة: ﴿ومن يشاقق الله﴾ أي الذي له الأمر كله فلا أمر لأحد معه ويشاقه سراً أو جهراً ﴿ورسوله﴾ بأن يكون في شق غير الشق الذي يرضيانه ﴿فإن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿شديد العقاب*﴾ أي له هذه الصفة، فليتوقع مشاققه عذابه، فالآية من الاحتباك: ذكر الفعل المدغم أولاً دليل على حذف المظهر ثانياً، والمظهر ثانياً على حذف المدغم أولاً.
ولما ختم الآية ببيان السبب الموجب لإهانة الذين كفروا وبما له من الوصف العظيم، أتبعه ما يقول لهم لبيان الحال عند ذلك بقوله التفاتاً إليهم لمزيد التبكيت والتوبيخ.
﴿ذلكم﴾ أي هو سبحانه بما له من هذا الوصف الهائل يذيق عدوه من عذابه ما لا طاقة لهم به ولا يدان، فيصير لسان الحال مخاطباً لهم نيابة عن المقال: الأمر الذي حذرتكم منه الرسل وأتتكم به الكتب وكنتم تستهزئون به أيها الكفرة هو هذا الأمر الشديد وقعه البعيد على من ينزل عليه دفعه دهمكم، فما لكم لا تدافعونه! كلا والله شغل كلاًّ ما قابله ولم يقدر أن يزاوله.
ولما كان ما وقع لهم في وقعة بدر من القتل والأسر والقهر يسيراً جداً بالنسبة إلى ما لهم في الآخرة، سماه ذوقاً لأنه يكون بالقليل ليعرف به حال الكثير فقال: ﴿فذوقوه﴾ أي باشروه قهراً مباشرة


الصفحة التالية
Icon