الذائق واعلموا أنه بالنسبة إلى ما تستقبلونه كالمذوق بالنسبة إلى المذوق لأجله ﴿وأنَّ﴾ أي والأمر الذي أتتكم به الرسل والكتب أن لكم مع هذا الذي ذقتموه في الدنيا، هكذا كان الأصل ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً بالوصف فقال: ﴿للكافرين﴾ أي على كفرهم وإن لم يظهروا المشاققة ﴿عذاب النار*﴾ وهو مواقعكم وهو أكبر وسترون.
ولما قرر إهانتهم في الدنيا والآخرة بما حسر عليهم القلوب، حسن أن يتبع ذلك نهي من ادعى الإيمان عن الفرار منهم وتهديد من نكص عنهم بعد هذا البيان وهو يدعي الإيمان فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي بما أتاهم من عند ربهم ﴿إذا لقيتم الذين كفروا﴾ أي بآيات ربهم فشاققوه، وعبر عن حال لقائهم بالمصدر مبالغة في التشبيه فقال: ﴿زحفاً﴾ أي حال كونهم زاحفين محاربين وهم من الكثرة بحيث لا يدرك من حركتهم - وإن كانت سريعة - إلا مثلل الزحف ﴿فلا تولوهم الأدبار*﴾ أي هرباً منهم وإن كنتم أقل منهم ﴿ومن يولهم﴾ ولما كان الأغلب في وقوع القتال النهار، وكان التولية مما لا يكون الظرف معياراً له لأنها مما لا يمتد زمنه، فالعصيان يقع بمجرد الالتفات بقصد الفرار، والتمادي تكرير أمثال، لا شرط في صحة


الصفحة التالية
Icon