إلى ظهور كلمة الله على مستمر عادته، فقد عمل بأول فتياه غير واحد ممن لم يسترب في نفاذ حكمه وصحته فأخفق ثمرات ثلاث سنين ثم عاد - في غنى عن التلقيح - إلى أحسن من حاله في متقدم عادته، ولا يتقاصر عن إدراك ذلك من أمره في كل نازلة من نحوه إلا من لم يسم به التأييد إلى معرفة حظ من مكانته، فإذا وضح ذلك فكل فعل فعله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان بياناً لواجب فهو منج من عقاب الله، وإن كان تعليماً لقربي من الله فهو وصلة إلى محبة الله كما قال تعالى
﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ [آل عمران: ٣١] وإن لم يتضح له مجمل منهما تأسى بها على إبهام يغنيه عمله وتعلو به نيته، وما كان مختصاً به فلا بد من إظهار أمر اختصاصه بخطاب من الله سبحانه أو منه عليه السلام كما قال تعالى ﴿خالصة لك من دون المؤمنين﴾ [الأحزاب: ٥٠]-انتهى.
ولما كان لمجيب ربما قال: ليس عليّ إلا الإجابة في خاصة نفسي، وليس عليّ تعريض نفسي للأذى بالأخذ على يد غيري، نبَّه سبحانه على أن ذلك منابذة للدين واجتثاث له من أصله، لأن ترك العاصي على عصيانه كترك الكافر على كفرانه، وذلك موجب لعموم البلاء، ومزيد القضاء فقال تعالى: ﴿واتقوا فتنة﴾ أي بلاء مميلاً محيلاً إن لا تتقوه يعمكم، هكذا كان الأصل، لكن لما كان نهي الفتنة على إصابتهم


الصفحة التالية
Icon