أروع من سوق ذلك مساق الشرط ومن نهيهم عن التعريض لها لما فيه من تصوير حضورها وفهمها للنهي أتى به، ولما كان نهيها عن تخصيص الظالم أشد روعة لإفهامه، أمرها بأن تعم؛ قال مجيباً للأمر: ﴿لا تصيبن﴾ ولحقه نون التأكيد لأن فيه معنى النهي ﴿الذين ظلموا﴾ أي فعلوا بموافقة المعصية ما لا يفعله إلا من لا نور له ﴿منكم﴾ أيها المأمورن بالتقوى ﴿خاصة﴾ أي بل تعمكم، فهو نهي للفتنة والمراد نهي مباشرتها، أي لا يفعل أحد منكم الذنب يصبكم أثره عموماً أو لا يباشر أسباب العذاب بعضكم والبعض الآخر مقر له يعمكم الله به، وذلك مثل: لا أرينك هاهنا، والمعنى فكن هاهنا فأراك فالتقدير: واجعلوا بينكم وبين البلاء العام وقاية بإصلاح ذات بينكم واجتماع كلمتكم على أمر الله ورد من خالف إلى أمر الله ولا تختلفوا كما اختلفتم في أمر الغنيمة فتفشلوا فيسلط عليكم عذاب عام من أعدائكم أو غيرهم، فإن كان الطائع منكم أقوى من العاصي أو ليس أضعف منه فلم يرده فقد اشترك الكل في الظلم، ذلك بفعله وهذا برضاه، فيكون العذاب عذاب انتقام للجميع؛ روى أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترميذي عن أبي الصديق رضي الله عنه أنه قال في خطبة خطبها: أيها الناس! إنكم تقرؤون هذه الآية وتأولونها على خلاف تأويلها ﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلَّ إذا اهتديتم﴾ [المائدة: ١٠٥] إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ما من قوم


الصفحة التالية
Icon