محو الذنب ﴿ما قد سلف﴾ أي مما اجترحوه كائناً ما كان فيمحي عيناً وأثراً فلا عقاب عليه ولا عتاب ﴿وإن﴾ أي وإن يثبتوا على كفرهم و ﴿يعودوا﴾ أي إلى المغالبة ﴿فقد مضت سنت﴾ أي طريقة ﴿الأولين*﴾ أي وجدت وانقضت ونفذت فلا مرد لها بدليل ما سمع من أخبار الماضين وشوهد من حال أهل بدر مما أوجب القطع بأن الله مع المؤمنين وعلى الكافرين، ومن كان معه نصر، ومن كان عليه خذل وأخذ وقسر ﴿كتب الله لأغلبن أنا ورسلي﴾ [المجادلة: ٢١]
﴿ولينصرن الله من ينصره﴾ [الحج: ٤٠] ﴿والعاقبة للمتقين﴾ [القصص: ١٢٨] وإن كانت الحرب سجالاً.
ولما أشار ختم الآية قتالهم إن أصروا، وكان التقدير: فأقدموا عليهم حيثما عادوكم إقدام الليوث الجريئة غير هائبين كثرتهم ولا قوتهم فإن الله خاذلهم، عطف عليه قوله مصرحاً بالمقصود: ﴿وقاتلوهم﴾ أي دائماً ﴿حتى لا تكون فتنة﴾ أي سبب يوجب ميلاً عن الدين أصلاً ﴿ويكون الدين﴾.
ولما كانت هذه الوقعة قد سرت كتائب هيبتها في القلوب فوجبت أيما وجبت، فضاقت وضعفت صدور الكافرين، وانشرحت وقويت قلوب المؤمنين؛ اقتضى هذا السياق التأكيد فقال: ﴿كله لله﴾ أي الملك الأعظم خالصاً غير مشوب بنوع خوف أو إغضاء على قذى، وأصل الفتن: الخلطة المحيلة، ويلزم ذلك أن يكون السبب


الصفحة التالية
Icon