نفس - بصير، فيجازيكم على حقائق الأمور وبواطنها وإن أظهرتم للناس ما يقيم عذركم، ويكمل لكل منكم أجر ما كان عزم على مباشرته من قتالهم لو لم ينتهوا، وإن لم ينتهوا بل أقدموا على قتالكم، هكذا كان الأصل، ولكنه سبحانه عبر بقوله: ﴿وإن تولوا﴾ أي عن الإجابة تبشيراً لهم بهزيمتهم وقلة ثباتهم لما ألقى في قلوبهم من الرعب، ويؤيد ذلك قوله: ﴿فاعلموا أن الله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة بكل شيء ﴿مولاكم﴾ أي متولي أموركم فهو يعمل معكم ما يعمل من يتولى امر من يحبه من الاجتهاد في تحصيل ما ينفعه ودفع ما يضره فهو لا محالة ناصركم؛ ثم استأنف مدحه بما هو أهله تعريفاً بقدره وترغيباً في تولية فقال: ﴿نعم المولى﴾ ولم يدخل فاء السبب هنا لأن المأمور به العلم، واعتقاد كونه مولى واجب لذاته لا لشيء آخر، بخلاف ما في آخر الحج، فإن المأمور هناك الاعتصام ﴿ونعم النصير*﴾ أي فلا تخافوهم أصلاً وإن زادت كثرتهم وقويت شوكتهم فلا تبارحوهم حتى لا يكون إلا كلمة الله.
ولما كان التقدير: فإذا أعانكم مولاكم عليهم وغلبتموهم وغنمتم فيه فلا تنسبوا إلى أنفسكم فعلاً، بل اعلموا أنه هو الفاعل وحده لأن جميع الأفعال متلاشية بالنسبة إلى فعله فلا تتنازعوا في المغنم تنازع من أخذه بقوته وحازه بقدرته، عطف عليه قوله:


الصفحة التالية
Icon