﴿واعلموا﴾ ابتداء بهذا الأمر إشارة إلى أن ما بعدها من المهمات ليبذلوا الجهد في تفريغ أذهانهم لوعيه وتنزيله منازله ورعيه ﴿أنَّما﴾ أي الذي ﴿غنمتم﴾ الغنيمة لغة: الفوز بالشيء، وشرعاً ما دخل في أيدي الملسمين من مال الكفار قهراً بالخيل والركاب، وزاد في التعميم حتى لأقل ما يمكن بقوله: ﴿من شيء﴾ أي حتى الخيط والمخيط فإنه كله له، لأنه الناصر وحده وإنما أنتم آلة لا قدرة لكم على مقاومة الأعداء لأنهم جميع أهل الأرض ولا نسبة لكم منهم في عدد ولا قوة أصلاً، فالجاري على منهاج العدل المتعارف عندكم أن يأخذه كله ولا يمكنكم من شيء منه كما كان فيمن قبلكم، يعزل فتنزل نار من السماء فتأكله، ولكنه سبحانه - علم ضعفكم فمنّ عليكم به ورضي منكم منه بالخمس فسماه لنفسه ورده عليكم، وهو معنى قوله: ﴿فأن لله﴾ أي الذي له كل شيء ﴿خمسه﴾.
ولما كان من المعلوم أن الله تعالى أجلّ من أن يناله نفع أو ضر، كان من المعلوم أن ذكر اسمه سبحانه إنما هو للإعلام بأن إسلام هذا الخمس والتخلي عنه لا حظ للنفس فيه، وإنما هو لمحض الدين تقرباً إليه سبحانه، فذكر مصرفه بقوله: ﴿وللرسول﴾ أي يصرف إليه خمس هذا الخمس ما دام حياً ليصرفه في مصالح المسلمين، ويصرف بعده إلى القائم مقامه، يفعل فيه ما كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله ﴿ولذي القربى﴾ أي من الرسول، وهم الآل الذين تحرم عليهم الزكاة: بنو هاشم وبنو المطلب ﴿واليتامى﴾ أي لضعفهم ﴿والمساكين﴾ لعجزهم ﴿وابن السبيل﴾ أي المسافر لأن الأسفار مظنات الافتقار، فالحاصل أنه سبحانه لم يرزأكم من


الصفحة التالية
Icon