غير جزاء لكم على ظلمكم لأهل طاعته، وسيأتي في «فصلت» حكمة التعبير بصيغة تحتمل المبالغة.
ولما بين بما مضى ما يوجب الاجتماع عليه والرجوع في كل أمر إليه، وبين أن من خالف ذلك هلك كائناً من كان؛ أتبعه بما يبين أن هذا من العموم والاطراد بحيث لا يخص زماناً دون زمان ولا مكاناً سوى مكان فقال تعالى: ﴿كدأب﴾ أي عادة هؤلاء الكفار وشأنهم الذي دأبوا فيه وداموا وواظبوا فمونوا عليه كعادة ﴿آل فرعون﴾ أي الذين هؤلاء اليهود من أعلم الناس بأحوالهم ﴿والذين﴾ ولما كان المهلكون لأجل تكذيب الرسل بعض أهل الزمان الماضي، أدخل الجار فقال: ﴿من قبلهم﴾ وهو مع ذلك من أدلة ﴿فلم تقتلوهم﴾ لأن هؤلاء الذين أشار إليهم كان هلاكهم بغير قتال، بل بعضهم بالريح وبعضهم بالصيحة وبعضهم بالغرق وبعضهم بالخسف الذي هو غرق في الجامد، فكأنه يقول: لا ينسب أحد لنفسه فعلاً، فإنه لا فرق عندي في إهلاك أعدائي بين أن يكون إهلاكهم بتسليط من قتال أو غيره، الكل بفعلي، لولا أنا ما وقع، وذلك زاجر عظيم لمن افتخر بقتل من قتله الله على يده، أو نازع في النفل، وهو راجع إلى قوله تعالى
﴿لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ [الحديد: ٢٣] وفي ذلك حث على التمرن على عدم


الصفحة التالية
Icon