الكشف والستر لأنه تارة يرفع أذيال الشبه عن ذلك الأمر فينجلي ويتحقق، وتارة يسلط قواطع الأدلة عليه فينعدم ويتمحق، وربما أرخى أذيال الشبه عليه فأخفى بعد أن كان جلياً كما كان شمرها عنه فألقى وقد كان خفياً.
ولما أخبر سبحانه بهلاكهم، أخبر بالوصف الجامع لهم بالهلاك فقال: ﴿وكل﴾ أي من هؤلاء ومن تقدمهم من آل فرعون ومن قبلهم ﴿كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿ظالمين *﴾ أي لأنفسهم وغيرهم واضعين الآيات في غير مواضعها وهم يظنون بأنفسهم العدل؛ ثم علل اتصافهم بالظلم أو استأنف بياناً له بقوله: ﴿إن شر الدواب﴾ أي ظلموا لأنهم كفروا بآيات ربهم الذي تفرد بالإحسان إليهم وشر الدواب ﴿عند الله﴾ أي في حكم الحكم العدل الذي له الأمر كله وفي علمه ﴿الذين كفروا﴾ أي منهم ومن غيرهم، أي حكم عليهم بلزوم الكفر لما ركب فيهم من فساد الأمزجة لعدم الملاءمة للخير، فكانوا بذلك قد نزلوا عن رتبة الإنسان إلى رتبة مطلق الحيوان، ثم إلى دركة الحشرات والديدان بل العجلان، لأن شر الناس الكفار، وشر الكفار المصرون منهم، وشر المصرين الناكثون للعهود ﴿فهم﴾ أي بسبب ذلك ﴿لا يؤمنون*﴾ أي لا يتجدد منهم إيمان يستمرون عليه لما سبق من علم الله فيهم، فلم ينتفعوا بما أتاهم من صفة الربوبية فمحقتهم صفة الإلهية،


الصفحة التالية
Icon