ولما كان ذلك مظنة أن يقال: إنه قد عهد منهم من الخداع ما أعلم انهم مطبوعون منه على ما لا يؤمنون معه فمسالمتهم خطر بغير نفع، لوح إلى ما ينافي ذلك بقوله: ﴿وتوكل على الله﴾ أي الذي له مجامع العظمة فيما تعهده من خداعهم فإنه يكفيك أمره ويجعله سبباً لدمارهم كما وقع في صلح الحديبية فإن غدرهم فيه كان سبب الفتح، وحرف الاستعلاء في هذا وأمثاله معلم بأنه يفعل مع المتوكل فعل الحامل لما وكل إليه المطيق لحمله؛ ثم علل الأمر بالتوكل الذي معناه عدم الخوف من عاقبة أمرهم في ذلك بقوله: ﴿إنه هو﴾ أي وحده ﴿السميع﴾ أي البالغ السمع، فهو يسمع كل ما أبرموه في ذلك وغيره سراً كما يسمعه علانية ﴿العليم*﴾ أي البالغ العلم وحده فهو يعلم كل ما أخفوه كما أنه يعلم ما أعلنوه؛ ثم صرح بالاستهانة بكيدهم فقال: ﴿وإن يريدوا﴾ أي الكفار ﴿أن يخدعوك﴾ أي بما يوقعون من الصلح أو بغيره ﴿فإن حسبك﴾ أي كافيك ﴿الله﴾ أي الذي له صفات العز كلها، ثم علل كفايته أو استأنف بيانها بقوله: ﴿هو﴾ أي وحده ﴿الذي أيدك بنصره﴾ أي إذ كنت وحدك ﴿وبالمؤمنين*﴾ أي بعد ذلك في هذه الغزوة التي كانت العادة قاضية فيها بأن من معك لا يقومون للكفار فواق ناقة، ولعل هذا تذكير بما كان من الحال في أول الإسلام، أي إن الذي


الصفحة التالية
Icon