المجاورة المقتضية لدوام التحاسد وإثارة الضغائن، وكذا فعل سبحانه بجميع العرب بعدما كان بينهم من القتل المنتشر مع ما لهم من الحمية والأنفة الحاملة على الانتقام.
والذي أمدك بهذه الألطاف حي لا يموت باق على ما كان عليه من القدرة والقوة، فهو الكفيل بحراستك ممن يريد خداعك، فإذا أمركم بأمر فامتثلوه غير مفكرين في عاقبته، فإنه قد بينه بعزته وأتقنه بحكمته وستعلمون.
ولما صرح بأن الله كافيه، وكانت كفاية الله للعبد أعظم المقاصد، التفتت الأنفس إلى أنه هل يكفيه مطلقاً أو هو فعل مع المؤمنين أيضاً مثل ذلك، فأتبعها بقوله معبراً بوصف النبوة الذي معناه الرفعة والاطلاع من جهة الله على ما لا يعلمه العباد، لأنه في سياق الإخبار ببعض المغيبات والتصرف في الملكوت: ﴿يا أيها النبي﴾ أي العالي القدر الذي نعلمه بعواقب أموره ﴿حسبك﴾ أي كافيك ﴿الله﴾ أي الذي بيده كل شيء ﴿ومن﴾ أي مع من ﴿اتبعك من المؤمنين*﴾ يجوز أن يكون المعية من ضميره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكون المؤمنون مكفيين، وأن يكون من الجلالة فيكونوا كافين، حتى يكون المعنى: فهو كافيهم أيضاً وهم كافوك لأنه معهم، وساق سبحانه هذا هكذا تطييباً لقلوبهم وجبراً لخواطرهم وبالمعنى الثاني - لتضمنه الأول وزيادته عليه - قال ابن زيد والشعبي:


الصفحة التالية
Icon